يحتفل الشعب الجزائري، غدا، بالذكرى الخامسة والخمسين لاندلاع الثورة التحريرية الكبرى، في ظروف خاصة واستثنائية تختلف عن تلك التي عاشها المواطن الجزائري في السنوات القليلة الماضية، انطلاقا من كون هذه المناسبة هي الأولى من نوعها بعد التعديل الجزئي للدستور العام المنصرم لاسيما المواد التي تتناول حماية رموز الثورة، فضلا على أن العديد من المؤشرات على مختلف الأصعدة تؤكد على عودة الروح الوطنية إلى مكانتها في نفوس المواطنين بعد عودة الأمل والأمن بفضل ما حققته مساعي المصالحة الوطنية في لمِّ شمل أفراد المجتمع، ووقف نزيف الدم وتضميد جراحه·
كثيرا ما أثبت الشعب الجزائري باختلاف شرائحه، ثقافته ومشاربه تمسكه بوطنيته وعدم التفريط في كرامته أمام أكبر الرهانات، ودون أن تكون أو نجعل من الوطنية فرصة مناسبتية يحكمها تاريخ أو فترة معينة كونها تمثل حدثا تاريخيا عبّر الشعب الجزائري من خلاله على مبادئه ودافع عن حقه في الحرية والاستقلال، يمكن التأكيد على أن الجزائري يضل مؤمنا بكل هذه المبادئ التي تسري في نفسه كما تسري الدماء في عروقه، والتي تظهر في معظم الوقت بصفة عفوية دونما تكلف كلما شاب الوطن شائبة، على الرغم من كل المنغّصات كما هو الشأن بالنسبة للمشاكل الاجتماعية التي يراهن عليها البعض من ذوي الأغراض والمصالح·
وعلى هذا الصعيد، تحاول بعض الأطراف التشكيك في وحدة الجزائر واتحادها من خلال الجعل من تنوعها فرصة للخلاف والاختلاف، حيث تعتبر هذه الأطراف بعض المناطق منها ذات طابع خاص لا لشيء إلا لكون المواطنين بها يستعملون لسانا آخر في التواصل فيما بينهم، الأمر الذي لا يعدو في الحقيقة سوى اختلافا جميلا يدل على التنوع الثقافي الذي تزخر به الجزائر، والذي يجعل من كل منطقة من مساحتها الشاسعة برجا حضاريا يعتد بتاريخ صنعه أبناء المنطقة التي تكمل نظيراتها مشكلة حزمة جميلة من الثقافة الوطنية الجزائرية·
وعلى هذا الأساس، فإن الشعب الجزائري الذي أثبت وحدته إبان الثورة التحريرية الكبرى والتي توّجت بنيله الحرية والاستقلال بعد سبع سنوات من الكفاح المرير، لا يمكنه التخلي اليوم على وحدته أو جزء من ترابه تحت أي ضغط ومهما كانت الأسباب، وهو الأمر الذي شدد عليه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في العديد من المناسبات، مؤكدا على أن الجزائر وحدة لا تتجزأ، و»أن الجزائريين كلهم كما قال أمازيغ عربهم الإسلام»، ولا يمكن تبعا لذلك بأي حال من الأحوال التذرع بالأمازيغية أو العروبة والإسلام لتحقيق أغراض معينة واتخاذ أيا من هذه الصفات مطية للتفريق بين الجزائريين أو تمزيق صفهم·